يوجد المتحف العسكري الوطني بقصر الوردة بالضاحية الغربية لمدينة تونس العاصمة وهي منطقة تعرف بمناخها الطيب وطبيعتها الجميلة. وتم بناء قصر الوردة سنة 1798 في عهد حمودة باشا باي ( 1782 – 1814 ) قرب البرج الكبير بمقر الحدائق الملكية التي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر.
استعمل القصر لمدّة طويلة مكانا لاصطياف العائلة الحاكمة كما استعمل لاستقبال الشخصيات الأجنبية البارزة وإيوائها. وفي عهد أحمد باشا باي ( 1837 – 1855 ) وتزامنا مع الإصلاحات التي شهدها الجيش والبحرية التونسية، أصبح قصر الوردة والمباني التابعة له ثكنة للمدفعية انطلاقا من سنة 1839 ثم ثكنة للخيالة بداية من سنة 1841 مع الإشارة إلى أنه تم تكليف أمير اللواء أحمد شقيق مصطفى خزندار بفرقة الخيالة خلال تلك الفترة الأولى. كما استعمل قصر الوردة أيضا لإيواء الضباط الأروبيين الذين كانوا يدرّسون في المدرسة الحربية بباردو أثناء الفترة الأولى التي فتحت فيها أبوابها ( 1840 – 1853 ) وكذلك أثناء الفترة الثانية ( 1859 – 1866 ) التي عقبت غلق المدرسة بسبب مشاركة الجيش التونسي في حرب القرم.
وعلى إثر دخول القوات الفرنسية التراب التونسي في أواخر شهر أفريل 1881 تم استغلال قصر الوردة كمقر قيادة لهذه القوات. كما تم استغلاله خلال الحملة العسكرية على تونس ( نوفمبر 1942 – ماي 1943 ) من طرف جيوش المحور في مرحلة أولى ثم في مرحلة ثانية من قبل وحدات من الجيش الفرنسي.
وبداية من سنة 1956، أصبح قصر الوردة مقرا لمدرسة ضباط الصف ثم مقرا لقيادة سرية الأشغال والإدارة التابعة لإدارة اللباس والتموين وقد أثرت مختلف الاستعمالات وقلة العناية على الحالة العامة لهذا المعلم الأثري الذي أوشك على التلاشي و الاندثار كما أن انفجار مخزن للذخيرة خلال الحملة العسكرية على تونس (نوفمبر 1942 – ماي 1943) أثر بصفة سلبية على حالة القصر. وانطلاقا من سنة 1977 شرعت وزارة الدفاع الوطني في ترميم هذا المعلم الأثري و بعد مجهودات كبيرة وأشغال جسيمة استرجع هذا المبنى رونقه الأصلي.
أحدث المتحف العسكري الوطني بمقتضى القانون عدد 106 لسنة 1986 المؤرخ في 31 ديسمبر 1986 وكانت الغاية من بعث المتحف العسكري الوطني هي إحياء التراث العسكري التونسي و إبراز مختلف الملاحم التي عرفها تاريخنا و التعريف بأمجاد تونس و إنجازاتها. وبصفة موازية مع أعمال الترميم، انطلقت الأعمال الخاصة بالتصور المتحفي و جمع المجموعات الأثرية وتشكلت لجنة متابعة أشرفت على هذه الأعمال و ذلك إلى غاية سنة 1984 تاريخ تركيز المتحف و توزيع القطع المتحفية على مختلف القاعات. تم تدشين المتحف يوم 25 جوان 1984 و اقتصرت الزيارات في البداية على الوفود الرسمية التي تفد على وزارة الدفاع الوطني و في 24 جوان 1989 و بمناسبة الذكرى 33 لانبعاث القوات المسلحة فتح المتحف للعموم.
• وتم تنظيم المتحف العسكري الوطني وتسييره بمقتضى الأمر عدد 331 لسنة 1988 المؤرخ في 7 مارس 1988 و طبقا لأحكام هذا الأمر تتمثل مهمة المتحف في المحافظة على التراث التاريخي العسكري وعرضه وتنميته لتخليد ذكرى من أستشهد في سبيل الوطن.
يملك المتحف العسكري الوطني مجموعات أثرية ثمينة تبلغ 23000 قطعة (أسلحة بيضاء وأسلحة نارية ورسوم زيتية ومحفورات ونماذج معارك ونماذج سفن حربية ودروع ومدافع وأسلحة ثقيلة…) تنتمي تقريبا إلى كل حقب التاريخ العسكري التونسي. وتمثل الأسلحة القسط الأكبر من القطع المتحفية ومعظم هذه الأسلحة تعود إلى القرن التاسع عشر استعملها الجيش التونسي في حرب القرم (1854 – 1856) إلى جانب الدولة العثمانية ضد الإمبراطورية الروسية.
تم توزيع هذه المجموعات على مختلف قاعات العرض طبقا للتسلسل التاريخي لمختلف المراحل التاريخية العسكرية التي عرفتها البلاد التونسية على مرّ 3000 سنة من المجد.
32,472 عدد المشاهدات, 8 قراءة اليوم